Times of Egypt

الملك أحمس زملكاوي!

Mohamed Bosila
زاهي حواس

زاهي حواس


أتمنى أن تساهم الرياضة عموماً – وكرة القدم التي أعشقها.. خاصةً – في إسعاد كل المصريين. وأن نُعلِّم
أبناءنا مبادئ وأخلاق الرياضة. وطالما هناك منافسة.. لا بد من وجود مكسب وخسارة، فلا بد أن تتحول
إلى مكسب (حتى للخاسر)، ليستمر التنافس، والمتعة.. البعيدة عن التعصب الأعمى، الذي يفسد متعة
الرياضة.
تذكرت – حينما دعاني صديقي إبراهيم المعلم لندوة، بمناسبة مرور 100 عام على إنشاء النادي الأهلي..
الذي تأسس في 24 أبريل عام 1907 – مزحة.. مداعباً الحضور، فقلت إنه تم العثور على بردية عمرها
خمسة آلاف سنة، وعندما ترجمها علماء الآثار، اتضح لنا أن الفراعنة كانوا أهلاوية.
ضج الجميع بالضحك والتصفيق، وكانوا يعلمون أنها مجرد مزحة، لكن للأسف.. بعد أن انتشرت هذه
الدعابة، بادر كثيرون بالتعليق عليها؛ فخرج بعضهم يهاجمني بالنقد اللاذع.. لمجرد دعابة من عاشق
للنادي الأهلي. ولكن كان هناك في المقابل من تقبَّل الدعابة، وعلَّق عليها بخفة دمه، ومنهم صديقي
الإعلامي المتميز والزملكاوي دماً وروحاً عمرو أديب؛ ومن أجله هو – ولكيلا أغضب أحبائي وأصدقائي
الزملكاوية – خرجت في مناسبة أخرى، وقلت إن البردية المكتشفة تثبت أن الفراعنة كانوا أهلاوية، ولكن
بناة الهرم الأكبر كانوا زملكاوية.
ومنذ ذلك اليوم، أصبحت قصة بردية النادي الأهلي ونادي الزمالك واحدة من المداعبات بين جماهير
الناديين الكبيرين، اللذين.. بدون وجود أحدهما، ما كان يمكن أن يكون للآخر وجود. إن وجود ناديين –
بحجم وقيمة الزمالك والأهلي – هو ما جعلنا كمصريين.. نعشق كرة القدم. ونحزن بشدة لما نراه من
احتقان وتعصب أعمى، ومجادلات لا تنتمي للرياضة بشكل من الأشكال.. بين أكبر ناديين في أفريقيا!
طُلب مني تقديم حفل.. بمناسبة زيارة كأس العالم إلى مصر. ووصول النادي الأهلي إلى كأس العالم،
والبدء في إنشاء ملعب النادي الأهلي الجديد. كان هذا الحفل أمام معبد الملكة حتشبسوت بالدير البحري..
أحد أجمل المعابد المصرية على الإطلاق. وأثناء تقديم الحفل، أردت مداعبة الحضور.. فقلت إننا عندما
قمنا بترجمة البردية التي تثبت أن الفراعنة كانوا أهلاوية؛ اتضح لنا أن الملكة حتشبسوت كانت كبيرة
مشجعي النادي الأهلي! ضج الجميع بالضحك. وفي نفس الوقت قام عمرو أديب بالتعليق على كلامي
وقال إن الملك أحمس الأول – الذي طرد الهكسوس من مصر – كان زملكاوياً، وأيضاً أحمد عرابي

والخديو إسماعيل والملك فاروق. واستطرد عمرو أديب وقال: لن أقدم لزاهي حواس دليلاً على ذلك،
ولكن يجب عليه هو أن يقدم دليله الأول. وفي اليوم التالي – وأنا متوجه إلى مكتبي – أوقفني بعض رجال
الشرطة.. الذين يتولون حراسة فرع البنك المركزي – في الطابق الأرضي من العمارة التي بها مكتبي –
ليسألوني عن الملكة حتشبسوت.. كبيرة مشجعي النادي الأهلي.
الرياضة متعة، وعلينا جميعاً.. أن نعمل على تقوية كل أسباب وحدتنا، ونبعد عن كل عوامل الفرقة بيننا.
وأول الطريق، هو إغلاق الباب على هذه الوجوه التي نعرفها جيداً، تطل علينا من خلال شاشات القنوات
الفضائية، وتحاول دائماً إشعال فتيل الفرقة والاحتقان بين جماهير الناديين، بل وبين الناديين نفسيهما.
كانت حقاً احتفالية رائعة، تلك التي أقامها النادي الأهلي أمام معبد الملكة حتشبسوت بالأقصر.. على
هامش حضور كأس العالم لزيارة مصر مع مندوبي الفيفا. واختيار مصر كأول دولة يزورها كأس العالم،
حيث إن النادي الأهلي المصري هو ضمن الـ 32 نادياً، التي ستتنافس في كأس العالم للأندية، التي ستقام
في يونيو القادم بمدينة ميامي الأمريكية. كذلك احتفل النادي الأهلي بإنشاء الاستاد الرياضي بمدينة الشيخ
زايد، وقد اختار الكابتن محمود الخطيب – رئيس النادي الأهلي – معبد الملكة حتشبسوت.. للاحتفال
هناك، لكي يخرج هذا الحفل من نطاق المحلية إلى العالمية. ويتم نقله إلى العديد من دول العالم، لكي
يعرف العالم كله أن مصر بلد الحضارة والأمان.
اتصل بي المخرج محمد خيري، وطلب مني تقديم الحفل، وعندما وصلت إلى المعبد.. وجدت تجهيزات
وديكورات الحفل كبيرة بصورة مبالغ فيها! وكنت أتمنى وجود ديكورات أقل؛ حيث إننا أمام أجمل بناء
معماري في التاريخ.. وهو معبد الدير البحري للملكة حتشبسوت، الذي صممه وبناه مهندسها المعماري
العبقري سننموت. وعلى الرغم من ذلك، خرج الحفل على أحسن ما يكون.. من التنظيم والجمال. ولم أرَ
به خطأ واحداً. وهذه عادة النادي الأهلي، عندما يقوم بتنظيم أي حدث.. نجده يتم على مستوى راقٍ جداً.
وعرفت من المخرج أنني سوف أقوم بعمل أربع وقفات.. من أعلى المعبد، حتى أصل إلى أسفل الدرج.
وفي الوقفة الأولى – وهي المهمة – كونها رسالة من مصر، قلت: من هذا المكان من مصر، التي قدمت
للعالم كله منذ 3 آلاف عام.. الفن والعمارة والفلك والطب والسلام، فكانت أول معاهدة سلام دولية تخرج
من مصر، ويوقعها كل من فرعون مصر رمسيس الثاني، وملك دولة الحيثيين التي كانت تقع شمال
سوريا.
وكانت الوقفة الثانية.. لتقديم الحضور، وفي الثالثة تحدثت عن أهم الاكتشافات الأثرية – التي تمت بجوار
معبد حتشبسوت – وهي خبيئة الدير البحري، التي عُثر عليها في عام 1881، عن طريق أحد أفراد عائلة

عبد الرسول، الذي كشف لنا عن مومياوات ملوك وملكات الفراعنة العظام، وبعض من كنوزهم.. ليبهروا
العالم كله، ويصبح هذا الكشف الأهم من نوعه في القرن التاسع عشر؛ ليس في مصر فقط، وإنما في
العالم كله. بعد ذلك قمت بتقديم ممثل الفيفا، وكريستيان فيري.. لاعب كرة القدم الإيطالي الأسطورة.
وتحدث محمود الخطيب من قلبه، ومن بعده محمد كامل.. الذي شرح مشروع استاد النادي الأهلي، وطلب
من الخطيب الحضور للمسرح مرة ثانية، وانبهرت بالطريقة التي شرح فيها محمد كامل.. كل الخطوات
التي تمت في إنشاء الملعب. وبعد ذلك وصل الخطيب، وكانت المفاجأة التي أسعدت كل أهلاوي أن
الاستاد – فعلاً – بدأ بناؤه في نفس ليلة الاحتفال. دخل محمود الخطيب القلوب، وهو يشرح ظروفه
الصحية، وكلنا نتمنى له الشفاء، وندعو له بالصحة والعافية، فهو إنسان دمث الخلق، وسيبقى رمزاً من
رموز كرة القدم المصرية. أعطى كل عمره وحياته للنادي – سواء كلاعب أو كإداري – حتى وصل إلى
رئاسة النادي الأهلي. لقد كان محمود الخطيب سبباً في عشق أجيال كثيرة لكرة القدم، وأنا منهم.
سمعت محمد كامل.. وهو يشرح بالتفصيل كل الخطوات، التي تمت.. من أجل أن يظهر ملعب النادي
الأهلي للنور. وأقول إن هناك الكثيرين.. الذين كانوا يتهكمون، ويقولون للعالم كله إن مشروع استاد
النادي الأهلي.. مجرد حبر على ورق، لكنه أصبح حقيقة، وشاهدنا بالفعل بدء العمل في إنشاء استاد
النادي الأهلي. وذكر محمد كامل أن سور الملعب سوف يسجل عليه أسماء رموز النادي، وأتمنى أن يتم
إنشاء متحف للنادي الأهلي، لكي يحكي لنا قصة أعظم نادٍ رياضي في القارة الأفريقية، وأهم انتصاراته
ولاعبيه.. على مر التاريخ العريق للنادي.
لقد شاهدت متحفاً لكرة القدم.. بمدينة سان بولو في البرازيل، وتمنيت أن يكون هناك متحف للنادي
الأهلي، تكريماً لكل رموزه وتاريخه.. الذي يجب حفظه، وتوثيقه للأجيال القادمة.
نقلاً عن «المصري اليوم»

شارك هذه المقالة
اترك تعليق

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *