أمينة خيري..
الأستاذ الدكتور وائل لطفي – أستاذ طب الأطفال في جامعة القاهرة – أرسل الرسالة التالية، ووجدتها حلقة لا بد منها في سلسلة التطرف والتعصب.. كتب:
أجرى أخصائي نفسي.. يُدعى ستانلي ميلجرام – من جامعة ييل – في عام 1961، تجارب على السلوك المجتمعي في موضوع طاعة الإنسان لما يخالف ضميره، وكان يتم الفصل بين المشاركين في التجربة إلى فريقين، ويطلب من أفراد الفريق الأول الضغط على أزرار، تؤدي إلى صدمات كهربائية تصاعدية.. مع كل إجابة خاطئة لفرد من أفراد الفريق الثاني، الموجود في غرفة منفصلة. وكانت تُذاع صرخات مسجلة مسبقًا، تعكس ألمًا كبيرًا بسبب الصعق، مع مناشدات بإيقاف التجربة. لكن 65 بالمائة من أفراد الفريق الأول.. واصلوا الضغط على أزرار الصدمات.
الكثيرون من أعضاء الفريق الأول.. اعترضوا على استحياء، ولكن إلحاح الدكتور الذي يُجري التجربة – وهو فى حقيقة الأمر ممثل، يقوم بالدور الذي يرمز للسلطة العلمية في مجتمع يقدس العلم – بأن يكملوا التجربة، دفعهم إلى الإذعان، فاستمروا. حتى القلة التي رفضت إكمال التجربة، لم يطلب أيٌّ منهم إنهاء التجربة، ولا غادروا الغرفة.. للاطمئنان على أعضاء الفريق الجاري صعقه، بدون استئذان.
أُعيدت هذه التجربة عدة مرات في أماكن مختلفة، وجاءت النتائج مذهلة ومتطابقة، بنفس النتائج المذهلة. أبرز نظريتين لتفسير ذلك..الأولى: نظرية السعي للتوافق مع المجتمع المحيط. والثانية: نظرية نقل المسؤولية؛ إذ يقرر الشخص – في مرحلة حاسمة – أنه مجرد منفذ لأمر ما، ولا تقع عليه أية مسؤولية.
ويقول الدكتور وائل: إذا طبقنا ذلك على واقعنا المعاصر، نجد أنه إذا تلقى أحدهم تمويلًا خارجيًا، ليقوم بمهمة إقناع المجتمع.. بأنه رمز للسلطة الدينية (أي دين في مجتمع يقدمالدين)، ونجح في مهمته؛ لا سيما حين يحبك الدور بالمظهر والمفردات والقدرة على التأثير النفسي، وينجرف الناس وراءه، فإنه سيصل إلى مرحلة ما يكون فيها قادرًا على الحصول على قسم مغلظ.. من الأتباع المؤيدين – لا سيما صغار السن – على الطاعة العمياء المطلقة. الغالبية من هؤلاء الأتباع، الذين سلموا له مقاليد العقل والمصير – بحسن نية، وبهدف خدمة الدين – سيكونون على استعداد للقتل والقتال بأمره.
ويسأل الدكتور وائل: إذن أين المفر؟ ويجيب: الحل هو محاربة هذا الفكر، بعدما فهمنا آلياته.
أولًا: تفكيك وتفنيد هذه الاعتقادات الخاطئة، أو الضلالات الفكرية في بدايتها. فمثلًا نستخدم الاسم الحقيقي للجماعات الدينية في وسائل الإعلام.. مثل «إخوان سيد قطب»،أو «القطبيين» إلخ. ثانياً: التركيز على المسؤولية الشخصية، كما تعلمنا من قوله تعالى: «ألا تزر وازرة وزر أخرى»، وهي قاعدة فقهية وقانونية.
ثالثًا: إدماج ما سبق في المقررات الدراسية لكل الأعمار، والإلحاح عليه في كل وسائل الإعلام.
ويخلص إلى أن محاولة تغيير هذه الأفعال الشائنة – بمنأى عن أصولها – قلما تنجح، إذ تعاود الجذور الفكرية بث سمومها مع تواتر الأجيال.
نقلاً عن «المصري اليوم»