نددت الأمم المتحدة، اليوم الجمعة، باستخدام إسرائيل “أساليب الحرب” و”القوة القاتلة غير القانونية” خلال عملياتها العسكرية في مخيم جنين بالضفة الغربية المحتلة. وأعرب ثمين الخيطان، المتحدث باسم مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، عن قلقه إزاء ما وصفه بـ”الاستخدام غير الضروري وغير المتناسب للقوة”. وقال الخيطان إن العمليات الإسرائيلية تنتهك القانون الدولي لحقوق الإنسان والمعايير التي تحكم عمليات حفظ النظام.
أكدت مفوضية حقوق الإنسان مقتل 12 فلسطينيًا على الأقل وإصابة 40 آخرين بجروح، معظمهم من المدنيين، وفقًا للتقارير. وأفاد الهلال الأحمر الفلسطيني بأن من بين المصابين طبيبًا وممرضتين، وهو ما دفع الأمم المتحدة إلى المطالبة بإجراء تحقيق مستقل لمحاسبة المسؤولين عن هذه الانتهاكات.
في غضون ذلك، شهد مخيم جنين موجة نزوح جماعي مع دخول العملية العسكرية يومها الرابع، حيث تم هدم عدة منازل وفرضت إسرائيل حظر تجول شامل على المخيم. وأفادت مصادر فلسطينية بأن الجيش الإسرائيلي استخدم جرافات وطائرات ومدرعات خلال العملية التي أطلق عليها اسم “السور الحديدي”.
حذر نائب محافظ جنين، منصور السعدي، من الظروف القاسية التي يواجهها المرضى والطواقم الطبية في مستشفى جنين الحكومي بسبب انقطاع الكهرباء ونقص إمدادات الوقود. وأكد السعدي أن الاحتلال الإسرائيلي نفذ ضربات جوية ومداهمات وأجبر مئات المواطنين على النزوح.
من جانبه، أوضح الدكتور وسام بكر، مدير مستشفى جنين الحكومي، أن المستشفى يواجه أزمة حادة بسبب نفاد الوقود الذي يُشغل مولدات الكهرباء، مشيرًا إلى أن المخزون المتبقي يكفي فقط لـ48 ساعة. وأضاف أن انقطاع الكهرباء سيؤدي إلى توقف الخدمات الحيوية مثل غسيل الكلى وأجهزة التنفس الصناعي، مما يهدد حياة المرضى.
أشار مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) إلى تراجع قدرة نقاط الخدمة الصحية في الضفة الغربية على العمل، حيث باتت 68% من هذه المرافق تعمل ليومين أو ثلاثة أيام فقط في الأسبوع. كما أن المستشفيات تعمل بنسبة 70% من طاقتها.
وفي هذا السياق، أفادت وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا) أن الجيش الإسرائيلي قطع الكهرباء عن المخيم وأجزاء من مدينة جنين، مما أثر على مستشفى ابن سينا التخصصي ومستشفى جنين الحكومي. كما منع الجيش إدخال الوقود اللازم لتشغيل المولدات في أقسام الطوارئ بالمستشفيات.
تحدث نازحون من مخيم جنين عن الأوضاع الصعبة التي عاشوها خلال العملية العسكرية. وقال أحدهم إن الانفجارات ودوي إطلاق النار أجبروا الأهالي على البقاء داخل منازلهم في الليلة الأولى رغم انقطاع الكهرباء والمياه. وأضاف أنه غادر المخيم مع عائلته تحت إطلاق النار بعد أن فتح الجيش الإسرائيلي ممرًا محدودًا للخروج.
وأشار نازح آخر إلى أن قوات الاحتلال أوقفتهم عند نقطة الخروج، وسمحت للأطفال بالمغادرة، لكنها أجبرته على العودة إلى المخيم وسط ظروف محفوفة بالمخاطر. وقال: “تعرضت لإطلاق النار أثناء العودة إلى منزلي، وكان الوضع خطيرًا للغاية”.
ذكرت تقارير فلسطينية أن الجيش الإسرائيلي دمر منازل وأحرق أخرى، إضافة إلى نشر القناصة على أسطح المباني المطلة على المخيم. كما قامت الطائرات الإسرائيلية بإلقاء منشورات تهديدية، وطالبت السكان بإخلاء منازلهم.
مع استمرار العملية العسكرية، تتزايد الدعوات الدولية لإجراء تحقيق شفاف ومستقل في الأحداث الجارية بمخيم جنين. وتخشى الأمم المتحدة من تأثير هذه التطورات على استقرار المنطقة، خاصة في ظل المخاوف من تأثيرها على سير اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة.