Times of Egypt

الإثارة في الصحافة (1)

Mohamed Bosila
أمينة خيري  

أمينة خيري

في خمس مقالات، سأطرح رؤيتي لحال الصحافة المكتوبة.. وإلى حد ما التلفزيونية؛ ولنعتبرها نقداً للبيت من الداخل. وستكون الـ«سوشيال ميديا» حاضرة، وبقوة، باعتبارها عدو الصحافة المحبوب.

الفقرة الأكثر تداولاً – لدى الحديث عن حال الصحافة في جميع أنحاء العالم، وتحديداً منذ بزوغ السوشيال ميديا.. لاعباً أساسيّاً في حياة 5.22 مليار شخص، (أي 63.8 في المائة من سكان الأرض، يمثلون مجموع مستخدميها) – هي.. «أحدثت السوشيال ميديا ثورة في عالم الصحافة. قدمت فرصاً مذهلة.. للتغطيات الإخبارية، بينما تحدث الأخبار. وأضفت طابعاً ديمقراطيّاً على المعلومات. وفي الوقت نفسه، تفرض تحديات هائلة؛ منها انتشار المعلومات المضللة والمفبركة، وممارسة الضغط على الصحافة التقليدية.. حيث المنافسة الشديدة في سرعة نشر الخبر – ولو على حساب التحقق والمصداقية – بالإضافة إلى البحث عن الإثارة والسخونة».

وحتى لا نُحلق في خيالات.. لا تمت إلى الواقع بصلة، أو نغرق في أحلام.. لا محل لها من التحقيق، فإن الصحافة لن تعود ملكة متوجة في سماء الأخبار.. إلا في حالة واحدة، ألَا وهي أن يتخذ أباطرة وملوك شركات السوشيال ميديا.. قراراً بإغلاق أعمالهم، ويتم نزع الكابلات الموصلة للإنترنت. وحتى لو حدث هذا، لاحظ كلمة «قرار»، فمَن يتخذ قرار الإغلاق يمكنه أن يتخذ أيضاً قرار الاستمرار؛ وهذا يعني أن انتظار انتهاء عصر السوشيال ميديا.. وأفول الإنترنت هو والعدم سواء.

كل دول العالم.. واجهت التحدي الرهيب للصحافة من السوشيال ميديا. الاختلاف يكمن في درجة الاستعداد، وتوقيت بدء الاندماج أو التعايش، بالإضافة – بالطبع – إلى عاملين بالغي الأهمية: مستوى الثقافة والتعليم والتنوير في المجتمعات، والقدرات المادية للدول وقطاعاتها الخاصة.. على تعايش الصحافة التقليدية مع السوشيال ميديا.

يظن البعض – ونحن ضمن، أو بالأحرى.. على رأس هؤلاء البعض – أن تعايش الصحافة.. المكتوبة والتلفزيونية، مع السوشيال ميديا يعني تغريد وتدوين الأخبار والمقالات.. على منصات مثل «إكس» و«فيسبوك» وغيرهما، واقتسام كعكة «الترند».. مع المؤثرين والمؤثرات؛ حيث يصنعون من الحبة قبة، أو يفضحون شخصاً على الأثير، أو يتنمرون بأحدهم، أو يدلون بدلو.. هو أقرب ما يكون إلى الهراء المثير، فـ «نعلي عليهم»، ونصنع من الحبة ثلاث قبات، ولا نكتفي بالفضائح، بل نغوص في المصائب، ولا نتوقف عند حدود التنمر، بل نُصدر الأحكام الشخصية ونُدخل هذا الجنة، وندفع بذاك إلى النار، وهلم جرا.

قائمة التصورات التي تعتري البعض، أو الكثيرين.. من الذين يجاهدون للبقاء في رحاب الصحافة التقليدية، أو إبقائها على قيد الحياة.. كثيرة؛ مثلاً تصوير الجنازات، وشاهد الإطلالة الجريئة للفنانات، ودعاء فك الكرب وجلب الحبيب، وإعادة المطلقة ودرء الفقر. و«انظر ماذا سيفعل الطقس بنا»، أو «ماذا قال المخرج الفلاني عن الفنان العلاني؟»، أو «ما الشرط الذي يفرضه نادي كذا على اللاعب الفلاني؟»، «انقر لتعرف موعد إدخال الشتوي وتنزيل الصيفي». (ولحديث الإثارة في الصحافة التقليدية بقية).

نقلاً عن «المصري اليوم«

شارك هذه المقالة
اترك تعليق

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.