Times of Egypt

إعادة «اختراع» ترامب!

Mohamed Bosila
عبدالله عبدالسلام 

عبدالله عبدالسلام..
بعد جولته الخليجية، التي شملت السعودية وقطر والإمارات، ظهر لنا، عبر الإعلام، ترامب جديد كان كثيرون يجهلونه. تلاشت الفظاظة والتصريحات الحادة والنظرة العدائية للخارج. تحدث كثيراً عن الحب والإعجاب بهذا الزعيم أو ذاك. لم تكن تصريحاته استعلائية، بل أشاد كثيراً بما تحقق من إنجازات بفضل شعوب المنطقة التي «خططت لمصائرها وطورت مجتمعاتها بطريقتها الخاصة.. بعيداً عن نظريات المحافظين الأمريكيين أيام بوش الابن عن إعادة بناء الدول». كانت الجولة إعادة اختراع للعلامة التجارية المسماة ترامب، أو غسيل سمعة.. بعد شهور من الصورة السلبية التي تشكلت.
ومع ذلك، فرغم كل هذا الجهد وحملات الدعاية التي شارك فيها مسؤولون وإعلاميون عرب، يبقى أنه لم يكن هناك أثر لصفقة كبرى، كما جرى الترويج قبل الجولة. فقط، عدد من الصفقات بمئات مليارات الدولارات في مجالات التجارة والاستثمار والذكاء الاصطناعي وبيع الأسلحة.
الرحلة كان قلبها «البيزنس» وهامشها الجغرافيا السياسية.
بعض المتفائلين العرب تساءلوا قبل قدوم ترامب: هل يعلن تأييده لقيام الدولة الفلسطينية؟ لم يحدث ذلك بالطبع. على العكس، العدوان الإسرائيلي لم يتوقف بل جرى تصعيده فور مغادرته المنطقة. الإشارة الإيجابية التي أبدتها حماس بإطلاق سراح الرهينة عيدان ألكسندر بطلب أمريكي، لم تُقابل بأي خطوة. حرب التجويع تواصلت. ترامب رق قلبه، عندما طلب منه زعيم ممن التقاهم خلال الجولة أن يعمل لإنهاء المجاعة، فما كان منه إلا أن أدلى بتصريحات متعاطفة مع الفلسطينيين المحاصرين الجوعى، ولا شيء آخر. لكنه لم يتخل عن خطته الأساسية، وهي تهجير أبناء غزة حتى تكون، بتعبيره «منطقة حرة» تسيطر عليها أمريكا.
في إطار الدعاية التي استهدفت «تجميل» صورته، تناثرت التقارير عن حدوث «شرخ» في علاقته مع نتنياهو، وأنه ينظر لإسرائيل ليس كحليف، ولكن كعميل مميز فقط. الواقع يقول إن واشنطن لا تريد القيام بشيء لا توافق عليه إسرائيل. ستيف ويتكوف، مبعوث ترامب، أبلغ الوسطاء العرب، الذين يسعون لوقف العدوان، أن بلاده لا تعتزم إجبار حكومة نتنياهو على إنهاء حرب غزة. حديث ترامب المتكرر عن رغبته في أن يكون صانع سلام.. لن يتحقق على الأرجح، لأن ذلك يتعارض مع أجندة نتنياهو. حتى لو ضغط لوقف القتال، فإن ذلك ليس سلاماً.
حتى الآن، لم ينجح في إنهاء صراع، لا في غزة ولا أوكرانيا. إنه، حسب محلل سياسي أمريكي، جيد في تنشيط المفاوضات، سيئ في إنهائها.
إعلانه العمل على رفع العقوبات عن سوريا.. مشروط بالتطبيع مع إسرائيل. بالفعل، هناك تقارير عن محادثات سورية-إسرائيلية في أذربيجان بشأن انضمام نظام بشار الأسد إلى الاتفاقيات الإبراهيمية.
أما الحديث عن تغيير اسم الخليج الفارسي (في الخرائط الأمريكية) إلى الخليج العربي، فهو أقرب إلى الهزل في موطن الجد. ليست هناك قضية أساساً حول الاسم.
انتظرنا أن يتكلم في السياسة، فإذا به يجرنا كعرب إلى ملعبه، أي «البيزنس». إنه بتعبير الدبلوماسي المخضرم دينيس روس، ينظر لمصالح أمريكا من خلال إطار اقتصادي وليس سياسياً أو أمنياً.
اكتفى بالصفقات واستعاض عن السياسة بالكلام العاطفي.
نقلاً عن «المصري اليوم»

شارك هذه المقالة
اترك تعليق

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *