أعلن الجيش الإسرائيلي الخميس أن قواته دمّرت في سبتمبر، منشأة لتصنيع الصواريخ أقامتها إيران تحت الأرض في سوريا، عبر عملية تخللها إنزال جنود باستخدام طائرات مروحية.
وأوضح الجيش الذي نادرا ما يعلّق على تحركاته في سوريا، أن العملية جرت في الثامن من سبتمبر، وشارك فيها أكثر من 100 جندي من وحدات الكوماندوس، قاموا بتفكيك المنشأة الواقعة في منطقة مصياف على مقربة من شاطئ البحر المتوسط في محافظة حماة.
ولم يذكر الجيش حصيلة للعملية، بينما كان المرصد السوري لحقوق الإنسان تحدث في حينه عن مقتل 27 شخصا.
وأكد رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو أنّ العملية تظهر “جرأة” الدولة العبرية “على التحرّك أينما كان”.
وقال في بيان “هذه إحدى أهم الهجمات المضادة التي قمنا بها ضدّ محاولات المحور الإيراني التسلّح لإلحاق الأذى بنا، وهي تظهر تصميمنا وجرأتنا على العمل أينما كان لحماية أنفسنا”.
ومنذ بدء النزاع في سوريا عام 2011، شنّت إسرائيل مئات الضربات الجوية مستهدفة مواقع للقوات الحكومية وأهدافا لإيران وحزب الله الحليفين للرئيس المخلوع بشار الأسد. ونادرا ما أكدت إسرائيل تنفيذ هذه الضربات، لكنها شددت مرارا على أنها ستتصدى لما تصفه بمحاولات عدوها اللدود إيران ترسيخ وجودها العسكري على حدودها.
وقال المتحدث باسم الجيش أفيخاي أدرعي في منشور على منصة إكس، إنّ القوات داهمت “مجمّعا تحت الأرض امتلكه نظام بشار الأسد… تمّ إنشاؤه بتمويل ودعم إيرانيين”، موضحا أن الموقع “كان يستخدم لإنتاج صواريخ موجهة بدقة متقدمة وقذائف صاروخية من نوع أرض أرض”.
وأشار بيان الجيش إلى أنّ مجمع مصياف احتوى “على مسارات إنتاج متقدمة مخصّصة لإنتاج الصواريخ الدقيقة والقذائف الصاروخية بعيدة المدى” لحزب الله “ووكلاء إيران في المنطقة”.
ووفق البيان، فقد “هبطت القوات (الإسرائيلية) في الميدان من خلال مروحيات بغطاء من النيران وإسناد جوي لقطع سلاح الجو المسيّرة والطائرات الحربية وسفن سلاح البحرية”.
أضاف “خلال سنوات قامت هيئة الاستخبارات بأعمال جمع معلومات ومراقبة استخبارية متواصلة بيّنت نوعية الهدف حيث جرت قبل تنفيذ العملية بلورة خطة شاملة لتدمير الموقع من خلال قوات سلاح الجو”.
وأشار أدرعي إلى أنّ “هذا المجمع كان مخصّصا لتسليح حزب الله بمئات الصواريخ والقذائف الصاروخية سنويا”.
وكان المرصد أفاد بأن الموقع أنشأه وأشرف عليه الحرس الثوري الإيراني. وبعيد العملية، نددت طهران بالهجوم واصفة إياه بـ “الإرهابي”.
وقال رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي إن العملية كانت جزءا من “سلسلة من المهمات الشجاعة” في الشرق الأوسط “بهدف تدمير قدرات تصنيع الصواريخ لدى المحور الإيراني”.
ووفق بيان للجيش، تطرق هاليفي إلى ضربات أخرى في قطاع غزة والضاحية الجنوبية لبيروت معقل حزب الله، وفي داخل إيران “خلال الأشهر القليلة الماضية”، مضيفا “على مدى سنوات، شكّلت إيران حلقة من نيران الصواريخ والقذائف حول حدود إسرائيل، وقد ضربنا الحلقة ورأسها”.
وأظهرت مقاطع مصوّرة قال الجيش إنها للعملية في مصياف ونشرها الخميس، جنودا يصعدون الى مروحيات في قاعدة، هبطت لاحقا في محيط الهدف داخل سوريا.
وأظهر الفيديو الجنود يتقدمون داخل مجمع بينما يُسمع صوت إطلاق نار في الخلفية. وفي مرحلة لاحقة، تُظهر صور مبهمة غير واضحة الجنود لدى عودتهم.
وأشار بيان الجيش إلى أنّ قواته تمكّنت من الوصول إلى “آليات ضرورية لعملية إنتاج الصواريخ الدقيقة… ووسائل قتالية عديدة ووثائق استخبارية تم نقلها لدراسة”، مضيفا أنّها “دمّرت المجمع وعادت… بسلام”.
وكان مدير المرصد السوري رامي عبدالرحمن أفاد في سبتمبر، بأن غارات جوية مكثفة سبقت العملية الإسرائيلية، وأدت الى تدمير مركز منفصل للبحوث العملية في مصياف يُستخدم لتطوير الأسلحة، حيث كان يعمل خبراء إيرانيون.
وأطلقت فصائل مسلحة تقودها هيئة تحرير الشام هجوما مباغتا أواخر تشرين الثاني/نوفمبر سيطرت خلاله على مدن سورية رئيسية، ودخلت دمشق فجر الثامن من كانون الأول/ديسمبر. وفرّ الرئيس السوري بشار الأسد من العاصمة، منهيا بذلك حكم عائلته الذي تواصل لأكثر من خمسة عقود.
وبعيد سقوط الأسد، تقدمت القوات الإسرائيلية الى المنطقة العازلة في هضبة الجولان السورية التي تحتلها، في خطوة لقيت تنديدا دوليا. كما نفّذ الجيش الإسرائيلي بعد سقوط الأسد، سلسلة ضربات واسعة طالت قواعد ومنشآت عسكرية وتجهيزات عائدة للجيش السوري.
الخميس، زار وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر المنطقة العازلة والتقى ممثلين لقوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة، وفق بيان صادر عن مكتبه.
وقال “إسرائيل تراقب عن كثب الوضع في سوريا، ولن تعرّض أمنها للخطر. لن نسمح بتكرار سيناريو السابع من تشرين الأول/أكتوبر على أي جبهة”، في إشارة الى هجوم حركة حماس على جنوب إسرائيل في العام 2023، والذي أطلق شرارة الحرب المتواصلة في غزة.