أظهرت برقية دبلوماسية اطلعت عليها رويترز أن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تحث حكومات العالم على عدم حضور مؤتمر الأمم المتحدة المقرر عقده الأسبوع المقبل في نيويورك بشأن حل الدولتين المحتمل بين إسرائيل والفلسطينيين.
وجاء في البرقية التي أرسلت أمس الثلاثاء أن الدول التي تقدم على “إجراءات مناهضة لإسرائيل” عقب المؤتمر ستعتبر مخالفة لمصالح السياسة الخارجية الأمريكية، وقد تواجه عواقب دبلوماسية من الولايات المتحدة.
والتحرك الذي لم ترد تقارير سابقة عنه يتعارض تماما مع دبلوماسية الحليفين المقربين من الولايات المتحدة، فرنسا والسعودية، اللتين تستضيفان مؤتمرا في نيويورك الأسبوع المقبل يهدف إلى وضع خارطة طريق تفضي إلى قيام دولة فلسطينية، مع ضمان أمن إسرائيل.
وقالت البرقية “نحث الحكومات على عدم المشاركة في المؤتمر، الذي نعتبره غير مجد للجهود المبذولة لإنقاذ الأرواح وإنهاء الحرب في غزة وتحرير الرهائن”.
وأشار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى أن باريس قد تعترف خلال المؤتمر بدولة فلسطينية على الأراضي التي تحتلها إسرائيل. ويقول مسؤولون فرنسيون إنهم يعملون على تجنب الصدام مع الولايات المتحدة، أقوى حلفاء إسرائيل.
وأضافت البرقية “تعارض الولايات المتحدة أي خطوات من شأنها الاعتراف من جانب واحد بدولة فلسطينية مفترضة، مما سيضيف عراقيل قانونية وسياسية كبيرة أمام الحل النهائي للصراع ويضغط على إسرائيل في أثناء حرب، وبالتالي يدعم أعداءها”.
دعمت الولايات المتحدة لعقود حل الدولتين بين الإسرائيليين والفلسطينيين، والذي من شأنه أن ينشئ دولة للفلسطينيين في الضفة الغربية وغزة إلى جانب إسرائيل.
وكان ترامب في ولايته الأولى غير متحمس نسبيا لحل الدولتين، الذي يعد ركيزة راسخة في السياسة الأمريكية تجاه الشرق الأوسط. ولم يبد الرئيس الجمهوري أي إشارة تذكر إلى موقفه من هذه القضية في ولايته الثانية.
لكن السفير الأمريكي لدى إسرائيل مايك هاكابي، وهو مؤيد قوي لإسرائيل منذ زمن، قال أمس الثلاثاء إنه لا يعتقد بأن قيام دولة فلسطينية مستقلة لا يزال هدفا للسياسة الخارجية الأمريكية.
* حرب غزة
جاء في البرقية “الاعتراف الأحادي بدولة فلسطينية سيجعل فعليا السابع من أكتوبر عيدا لاستقلال فلسطين”، في إشارة إلى الهجوم الذي شنه مسلحون من حركة حماس على إسرائيل عام 2023 والذي أسفر وفقا لإحصاءات إسرائيلية عن مقتل 1200 شخص واحتجاز حوالي 250 رهينة.
ودفع هجوم حماس إسرائيل لشن حرب جوية وبرية على غزة، مما أدى إلى مقتل ما يقرب من 55 ألف فلسطيني وتشريد معظم سكان القطاع البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة وتدمير القطاع الساحلي بشكل كبير.
وإذا مضى ماكرون قدما، فستصبح فرنسا، موطن أكبر جاليتين لليهود والمسلمين في أوروبا، أول دولة غربية كبيرة تعترف بدولة فلسطينية.
ومن الممكن أن يؤدي هذا إلى إعطاء زخم أكبر لحركة تهيمن عليها حتى الآن دول أصغر حجما تنتقد إسرائيل عادة.
وتغير موقف ماكرون مع استمرار الهجوم الإسرائيلي المكثف على غزة وتصاعد عنف المستوطنين الإسرائيليين ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة، وسط شعور متزايد في باريس بضرورة التحرك الآن قبل أن تتلاشى فكرة حل الدولتين إلى الأبد.
وجاء في البرقية الأمريكية أن واشنطن عملت دون كلل مع مصر وقطر للتوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة وتحرير الرهائن وإنهاء الصراع.
وتابعت “هذا المؤتمر يُقوّض هذه المفاوضات الحاسمة ويُشجع حماس في وقت رفضت فيه الجماعة الإرهابية مقترحات المفاوضين التي قبلتها إسرائيل”.
وخلال الأسبوع الجاري، لحقت دول أخرى بركب بريطانيا وكندا، وهما أيضا حليفتان للولايات المتحدة في مجموعة الدول السبع، في فرض عقوبات على وزيرين إسرائيليين من اليمين المتطرف بهدف الضغط على رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لإنهاء حرب غزة.
وجاء في البرقية أن “الولايات المتحدة تعارض الدعم الضمني من المؤتمر لإجراءات محتملة، بما في ذلك المقاطعة وفرض عقوبات على إسرائيل، بالإضافة إلى إجراءات عقابية أخرى”.
وانتقدت إسرائيل المؤتمر مرارا، وقالت إنه يكافئ حماس على هجومها على إسرائيل، وتضغط على فرنسا لمنع الاعتراف بدولة فلسطينية.
وقال دبلوماسي أوروبي طلب عدم نشر اسمه لحساسية الأمر “لم يعد الأمر يفاجئني، لكنني لا أرى عددا كبيرا من الدول يمكنها التراجع عن مشاركتها. هذه بلطجة… بلطجة بغباء”.